صحة الطفل النفسية بين الأسباب والحلول
صحة الطفل النفسية بين الأسباب والحلول
لا تخفى على أحد، أهمية العديد من الحلقات المجتمعية والتربوية في تنشئة الأطفال وتوعيتهم، ومع ذلك يقع على عاتق الأسرة الدور الأكبر في اكتشاف الثغرات التي يعاني منها الطفل، ومحاولة الكشف عنها مبكراً، لتصحيح الأخطاء وبناء أرضية مناسبة لنمو الطفل، وبناء نفسية سوية لديه، فإما أن تخلق طفلاً يتمتع بصحة نفسية جيدة، وإما أن تخلق طفلاً يعاني من اضطرابات سلوكية ومشكلات نفسية، سترافقه طيلة حياته تقريباً.
وانطلاقاً من هنا، كان لا بدَّ من الإشارة إلى كيفية بناء طفل يتمتع بصحة نفسية جيدة، وما هي أبرز العوامل التي تجعل الطفل يتحكم بسلوكه ويتواءم مع المحيط، وهل هناك عوامل أخرى مساعدة في تعزيز شخصيته؟
معنى الصحة النفسية :
حتى تستطيع أن تقيم فيما إذا كان طفلك يعيش في بيئة صحية مناسبة، ولا يعاني من مشاكل نفسية معينة، عليك أن تتعرف إلى تعريف الصحة النفسية للطفل ، وفقاً لتعريفا الخبراء، إذ عرفت منظمة الصحة العالمية الصحة النفسية على أنها حالة العافية التي يحقق فيها الفرد قدراته الذاتية، ويستطيع مواكبة ضغوط الحياة العادية، ويكون قادراً على العمل الإيجابي والمثمر، ويمكنه الإسهام في مجتمعه، وتوفر العافية النفسية ركيزة للمشاعر والأفكار والانطباعات والمعارف وعلاقات التواصل والسلوكيات الإيجابية. فالعافية النفسية ليست فقط مرغوبة في حد ذاتها، ولكنها تعد أيضاً مصدراً لجلب وحماية وتراكم رأس المال البشري والمادي والطبيعي والاجتماعي.
أسباب المشكلات النفسية عند الطفل و ظهورها :
لنستطيع حل تلك المشكلات، لا بدَّ من معرفة جذور المشكلة و العوامل المؤثرة في الصحة النفسية للطفل ، وبالتالي من الضروري اكتشاف الأسباب التي تؤدي لظهور المشكلات النفسية عند الطفل،وتتلخص بالتالي:
1- أسباب تتعلق بالبيئة المحيطة:
كما ذكرنا في المقدمة يبقى دور الأسرة من أهم الأدوار، وأكثرها تأثيراً على شخصية الطفل، عدا عن كونها مصدراً أساسياً في تلقي المعلومات والعواطف. وبالتالي فإن الكلمات الحسنة تضفي على الطفل طابعاً مختلفاً، ويظهر ذلك جليّاً في تصرفاته في المدرسة وبين أقرانه، والعكس صحيح، فإن كلمات التوبيخ والتهديد المستمر والإهانة، توقف نمو ثقة الطفل بنفسه، فيملؤه الخوف والتردد والخجل في أي شيء يفكر في فعله، ويصبح عرضة للمعاناة النفسية.
وهذا يتقاطع حتماً مع خوف الطفل من قدوم مولود جديد إلى العائلة، مما يؤدي إلى صرف النظر عنه بعض الشيء والاهتمام بالطفل الجديد، وهذا ما يجعله يشعر بالغيرة، وقد تصل إلى الغيرة المفرطة التي تنقله إلى عالم من الكتمان والانطوائية والعزلة.
فالخلافات الزوجية وتوجيه الإهانات لأحد أفراد الأسرة، تفقد الطفل القدرة على الترعرع في بيئة سلمية خالية من الضغوطات النفسية، وبالتالي إحساسه الدائم بالخوف من حدوث المشكلات. وأحياناً غياب الحوار الصحي بين الطفل ووالده، يشعر الطفل بالوحدة، لأنه بالضرورة لا يُعوض بتواصل منظم أو اهتمام ما.
2- أسباب بيولوجية:
فبعض الأسباب الطبية التي قد تتعرض لها المرأة الحامل في شهورها الأولى من تناول عقاقير، قد تضر بصحة الجنين، أو تناولها للمخدرات والتدخين التي تضر لاحقاً بصحة الطفل النفسية والجسدية. وقد تتمثل في قدرات الطفل العقلية والجسدية والنفسية، مما يعرّضه للسخرية من بقية زملائه أو الشفقة من الآخرين، ويشعره بالنقص والحرج والضغط النفسي الذي يؤدي إلى اضطرابات نفسية لدى الطفل.
إليك بعض العلامات التي تنبّئك بوجود خلل في صحة طفلك النفسية:
1- عدم القدرة على النوم بسهولة:
يلاحظ على الأطفال، الذين لا يتمتعون بصحة نفسية جيدة، أنهم لا ينامون بسهولة ويبقون قلقين، ودائمي التفكير مع تقلب مزاجي حاد أحياناً.
2- الرغبة في الانعزال عن المجتمع:
يخاف هؤلاء الأطفال من الاندماج مع أقرانهم أو مع البيئة المجتمعية، مما يجعلهم يفضلون الوحدة والانعزال عن (الكلام – المناقشة – الاحتكاك بالآخرين).
3- عدم الرغبة في فعل ما يحب:
تخيل أن طفلك يعشق كرة القدم وكانت من أولوياته يوماً، فجأة يتحول إلى شخص غير مكترث باللعبة ولا تستهويه رؤيتها حتى، عليك هنا بمراقبة الموضوع أكثر، إذ إن هذه التغيرات تحتاج إلى إجابات دقيقة.
4- زيادة نشاط الطفل المبالغ فيه:
حتى يفرغ طاقته المكبوتة ويفرغ ما يشعره من خوف ووحدة، يلاحظ زيادة نشاطه مع حماس مبالغ فيه، وعدم القدرة على الانتظام في شيء، إضافة إلى تلعثمه في الكلام وعدم القدرة على التعبير عما يجول في خاطره.
7 معتقدات خاطئة عن الصحة النفسية للأطفال وفق موقع Childmind :
1- الطفل المصاب باضطراب نفسي يتضرر مدى الحياة.
2- المشكلات النفسية لدى الطفل نتاج ضعف في شخصيته.
3- الاضطرابات النفسية تنتج عن سوء الأبوة والأمومة.
4- يمكن للطفل إدارة الاضطراب النفسي بقوة الإرادة.
5- مشكلات الصحة العقلية والنفسية يسهل علاجها في أي وقت.
6- علاج الاضطراب النفسي للأطفال يكون بالكلام فقط.
7- علاج الاضطراب النفسي للأطفال لا يعتمد على الأدوية.
من الأسباب إلى الحلول:
الاضطرابات النفسية الشائعة عند الأطفال مختلفة و كون الطفل يحمل طبيعة هشة، ولا سيما في البداية، لذلك لا بد من إيجاد حلول مثمرة تستطيع إخراج الطفل من عزلته، ليكبر بصحة نفسية جيدة و حماية الطفل من المشاكل النفسية . وهذه أهم النصائح:
1- طلب المساعدة من متخصص:
في بداية الأمر، وعند اكتشاف الحالة، لا بد من استشارة المتخصصين لمعالجة الأمر وفقاً لإرشادات سيكولوجية ونفسية تستطيع من خلالها المضي قدماً في تحسين صحة طفلك النفسية.
2- بناء علاقة جيدة مع الطفل:
استمع لطفلك إذا تكلم، انتبه كيف يصرف مشاعره وكيف يعبر عنها، لا تدعه يخاف من قول الحقيقة وعزز قدراته في أي مجال يختاره.
3- علّم طفلك كيف يخلق الجو الإيجابي:
حاول أن تعلم طفلك كيف يفهم الأولويات وحدود المهام، وعلمه طرائق إيجابية للتعامل مع التوتر.
علاقة القصص بالصحة النفسية عند الطفل:
تعلق القصص بالصحة النفسية للطفل ، قد يبدو ذلك في بادئ الأمر شيئاً نظريّاً، ولكن إليك الأدلة:
1- إزالة التوتر وإعادة التنشيط:
قراءة القصص والخوض في غمارها، تجعل الطفل يرتب الأحداث مرة أخرى، وفقاً لتسلسل شائق، ويتخيلها، وبذلك يخرج من بوتقة المألوف إلى العالم اللامادي، الذي يثير حواسه بشكل جيد.
2- نطام في حياة تحمل بعض الفوضى:
ذكرنا في بداية المقال الأسباب التي تجعل الطفل غير سوي في صحته النفسية، وبالتالي من الممكن أن تكون حياته فوضوية بعض الشيء، وهذا ما تعيد ترتيبه قصص الأطفال من خلال حبكتها، التي ترسي قواعد تنظيم العقل الذي يعاني من التشتت.
3- مواجهة المشكلات:
تساعد كتب الأطفال والقصص على تخطي المشكلات اليومية، من خلال ما تسرده من وقائع وأحداث، وكيف تدمج الطفل مع شخصيات القصة، وخصالهم، وكما يقول كافكا: “الكتاب يمكن أن يمثل الفأس التي تهشم البحر المتجمد بداخلنا، وهي مقولة تصدق في أي عمر”.
4- القدوة الحسنة:
تكرس قصص الأطفال في عقولهم مبدأ القدوة الحسنة، وفقاً لما تظهره من شخصيات تتحلى بخصائص معينة، ومن خلال سرد القصة والحبكة، يتبين للطفل مصير كل شخصية من الشخصيات، سواء بالخير أو بالشر مما يجعله في كل موقف حياتي يتذكر القصة وشخصياتها.
أقرأ أكثر